وأمّا مؤلفه حسب الوثائق التي سنعرضها ، هو أبو الغنائم كمال الدين عبد الرزّاق الكاشاني المتوفي سنة ( 735هـ / 1364 م ) و عنوان الكتاب بالتدقيق هو (التأويلات ) .
تصحيح خطأ ناشيء عن قلّة التحقيق
لطبع هذا الكتاب سنة (1978م) بتحقيق الدكتور مصطفي غالب و بنفقة الآنسة سميرة عاصي صاحبة دار الاندلس في بيروت، يقول الدكتور مصطفي غالب في مقدّمة الطبعة مانصة :
«و لما كان هذا التفسير علي جانب كبير من الأهميّة ، حرصنا علي اخراجه صورة طبق الاصل عن النسخة المطبوعة في الهند في بلدة (نور محمد) في أواخر ربيع الأول سنة (1291 هـ ) بدون أَنْ نغيّر فيه أو نبدلّ ، لنضع أَمام القاريء الاطار الواقعي الوضاحّ للتاويل الباطنيّ الحقانّي، بالرغم من كلّ هذا ، فقد عمدنا الي جمع الآيات القرآنيّة الّتي كانت موزعّة في الهوامش بدون ترتيب، فنسقناها و شكلّناها، و و ضعناها في الأماكن الواجب أَنْ توضع فيه ، واعتنينا بوضع الفواصل والنقاط والبدء، وصحّحنا بعض الأخطاء اللغويّة بدون الاشارة اليها».
فلقد أَخطأَ الدكتور مصطفي غالب حيث اعتمد علي النسخة الهنديّة الّتي قد أخطاؤوا في مؤلفها، وانّي تتبعّت النسخ في مكتبات ايران، ولقد عثرت و الحمد للّه علي الكثير من نسخها المخطوطة و قابلتها مع النسخة المطبوعة فاذا هي عين النسخ المخطوطة المكتوب عليها انّها من تأليفات الصوفي الشيعي الشهير أبي الغنائم عبد الرزّاق الكاشاني، و اليك ما قاله الاغا بزرج في كتابه حول هذا الكتاب :
«تأويل الآيات، أو التأويلات، كما هو المشهور، للمولي العارف كمال الدين أبي الغنائم عبد الرزّاق بن جمالالدين الكاشاني المتوفي (730 ـ أو ـ 735هـ) حُكِيَ عَنِ الشهيدِ الثاني أَنَّهُ لم يكتبْ في معناهُ مثله ، و يظهر من نسخة الخزانة الرضوية أَنَّ اسمَهُ (تأويلات القرآن)».
وأَمَّا النسخ المخطوطة في مكتبات ايران فهي كما يلي:
1. مكتبة الملك في طهران ، التأويلات لعبدالرزاق الكاشيّ برقم 282 .
2. مكتبة آية اللّه كلبايكاني في قُم التأويلات لعبدالرزاق الكاشاني برقم 1181، 19 / 182.
3. المكتبة المركزية الرضوية في مشهد، التأويلات لعبدالرزاق الكاشاني برقم 266 ، 9436.
4. مكتبة آخوند همداني في مدينة همدان ، فيها نسختان ، النسخة الاولي برقم 491 والنسخة الثانية برقم 919.
و لقد طَبَّقْنَا النسخ جميعها مع النسخة المطبوعة في لبنان فاذا هي واحدة لا فرق فيها أبداً والذي دعاني الي هذا التحقيق والوصول الي هذه النتيجة هو أنّ التفسير المطبوع فيه احاديث كثيرة منقوله عن الامام الصادق ( عليهالسلام ) و فيه تعظيم و تبجيل لأهل البيت مما هو غير مألوف عند ابن عربي و اخواننا أهل السنّة.
و لكي يطمئن قلب القاريء إِلي هذه النتيجة نقلت من نسختي مكتبه همدان الصفحات الأولي والاخيرة وأول سورة الاسراء و أول سورة الجاثية و من الكتاب المطبوع نقلت نفس الصفحات و ذلك للتطبيق من قبل القاريء، فأليك هذه الصفحات راجياً التطبيق بينها.
الصفحة الاولي من النسخة الموجودة
في مكتبة آخوند همداني برقم (491)
الصفحة الثانية من النسخة رقم (919)
الصفحة الاخيرة من النسخة الموجودة في مكتبة آخوند همداني برقم (919)
الآيات الاولي من سورة الاسراء النسخة رقم (919)
« الصفحة الأُلي و الثانية من التفسير المطبوع »
بسم اللّه الرّحمنِ الرّحيْم
الحمد للّه الذي جعل مناظم كلامه ، مظاهر حسن صفاته ، وطوالع صفاته، مطالع نور ذاته ؛ صفّي مشارع مسامع قلوب أصفيائه لتحقق السماع ، وروّق موارد مشاعر فهوم اوليائه لتيقن الاطلاع ، ولطف أسرارهم بإشراق أشعة المحبّة في أرجائها، وشوّق أرواحهم الي شهود جمال وجهه بفنائها، ثم ألقي اليهم الكلام فاستروحوا اليه بكرة وعشيّا، و قرّبهم بذلك منه حتي خلصوا لديه نجياً، فزكّي بظاهره نفوسهم ، فإذا هو ماء لجاج، وروّي بباطنه قلوبهم فإذا هو بحر موّاج، فلما أرادوا الغوص ليستخرجوا درر أسراره، طغي الماء عليهم، فغرقوا في تياره، لكن أودية الفهوم سالت من فيضه بقدرها، و جداول العقول فاضت من رشحه بنهرها، فأبرزت الأوادي علي السواحل جواهر ثاقبة ودرراً،وأنبتت الجداول علي الشواطيء زواهر ناضرة وثمراً، فأخذت القلوب عند مفيض مدّها واقفة علي حدّها ، تملأ الحجور والاردان عاجزة عن عدّها ، وطفقت النفوس في اجتناء الثمار والأنوار شاكرة بوجدها قاضية بها الأوطار.
وأمّا الأسرار فإذا قرع سمعها قوارع الآيات، تطلعت، فاطلعت منها علي طلائع الصفات ، فتحيرت في حسنها إذ رأتها ، و طاشت و دهشت عند تجلياتها، وتلاشت حتي اذا بلغ الروح منها التراقي، طلع من ورائها جمال طلعة وجهه الباقي، و حكم الشهود عليها بنفي الوجود ، وألزمها الإقرار، فسبحان من لا إله الاّ هو الواحد القهار، سبحان من يتجلي في كلامه، بحلل صفات جلاله و جماله، علي عباده في صورة بهاء ذاته و كماله، والصلاة علي الشجرة المباركة التي أنطقها بهذا الكلام، و جعلها مورده و مصدره، منها و لها واليها و عليها السلام، و علي آله الذين هم مخزن علمه و كتابه العزيز، وأصحابه الذين أصبح الدين بهم في حرز حريز.
و بعد ، فاني طالما تعهدت تلاوة القرآن، وتدبرت معانيه بقوة الايمان، و كنت مع المواظبة علي الأوراد حرج الصدر قلق الفؤاد، لا ينشرح بها قلبي ولا يصرفني عنها ربي، حتي استأنست بها فألفتها، و ذقت حلاوة كأسها و شربتها، فإذا أنا بها نشيط النفس، فلج الصدر، متسع البال، منبسط القلب، فسيح السر، طيب الوقت والحال ، مسرور الروح بذلك الفتوح، كأنه دائماً في غبوق و صبوح، تنكشف لي تحت كل آية من المعاني ما يكلّ بوصفه لساني، لا القدرة تفي بضبطها واحصائها، ولا القوة تصبر عن نشرها وافشائها، فتذكرت خبر من أتي، ما ازدهاني، مما وراء المقاصد والأماني، قول النبيّ الأُميّ الصادق عليه أفضل الصلوات من كل صامت و ناطق :
«ما نزل من القرآن آية إلا ولها ظهر و بطن، و لكل حرف حدّ، ولكل حد مطاع، و فهمت منه أن الظهر هو التفسير، والبطن هو التأويل، والحد ما يتناهي اليه الفهوم من معني الكلام ، والمطلع ما يصعد اليه منه فيطلع، علي شهود الملك العلام، و قد نقل عن الامام المحقّ السابق جعفر بن محمد الصادق ( عليهالسلام )، أنه قال :
« لقد تجلي اللّه لعباده في كلامه و لكن لا تبصرون» .
و روي عنه ( عليهالسلام ) أنه خرّ مغشياً عليه و هو في الصلاة، فسئل عن ذلك، فقال :
«ما زلت أردّد الآية حتي سمعتها من المتكلم بها، فرأيت ان أعلق
قوله : «من الجنة والناس» بيان للذي يوسوس. فإن الموسوس من الشياطين جنسان : جني غير محسوس، كالوهم. وأنسي محسوس كالمضلين من أفراد الانسان . أما في صورة الهادي كقوله تعالي :
«انكم كنتم تأتوننا عن اليمين»، وأما في صورة غيره من صور الاسماء . فلا يتم ايضاً الاستعاذة منه إلا باللّه، واللّه العاصم .
(تم المجلد الثاني والاخير من التفسير)
(بفضل اللّه سبحانه و تعالي ورضوانه )
في ربيع الثاني 1388 هجرية
الموافق شهر تموز 1968 ميلادية
سورةُ الإسرَاء
بِسمِ اللّهِ الرحمن الرّحيمِ
«سُبْحَانَ الَّذي أَسْرَي بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَي الْمَسْجِدِ الْأَقصَي الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إنَّهُ هُوَ الْسَّمِيعُ الْبَصِيرُ».
« سبحان الّذي أسري» أي، أنزهه عن اللواحق المادية، والنقائص التشبيهية بلسان حال التجرد والكمال في مقام العبودية، الذي لا تصرّف فيه أصلاً، «ليلاً» أي، في ظلمة الغواشي البدنية، والتعلقات الطبيعية ، لأن العروج والترقي لا يكون إلا بواسطة البدن « مِنَ المَسجدِ الحرامِ » أي ، من مقام القلب المحرّم عن أن يطوف به مشرك القوي البدنية، و يرتكب فيه فواحشها وخطاياها، ويحجّه غويّ القوي الحيوانية من البهيمية والسبعية، المنكشفة سوأتا إفراطها ونفريطها، لعروها عن لباس الفضيلة «الي المسجدِ...»
فبعد هذا التطبيق علينا ان نقّدم ترجمة للعارف الشهير عبدالرزاق الكاشانيبدلاً من ابن عربي.
1. ترجمته هو المولي كمال الدين أبو الغنائم عبد الرزاق بن جمال الدين الكاشاني تُوفي سنة « تُوفي سنة (735 هـ)، تضاربت الآراء في حياته و شخصيته ، فيقول حاجي خليفة، «تأويلات القرآن ، المعروف بتأويلات الكاشاني تفسير بالتاويل علي اصطلاح التصوف الي سورة (ص)، للشيخ كمال الدين ... الكاشي السمرقندي المتوفي سنة (887 هـ ) أوّله
«الحمد للّه الّذي حعل مناظم كلامه مظاهر صفاته ...الخ».
و يقول صاحب اعيان الشيعة ، «تُوفي سنة (730هـ ) له شرح منازل السائرين للخواجه عبد اللّه الانصاري ، والتأويلات و النصوص و له اصطلاحات الصوفيّة كتبه بعد الشرح المذكور مطبوع و له لطائف الالهام و له تفسير القرآن الموسوم بتأويلات القرآن أو تاويلات الآيات موجودة في الخزانة الرضوية و له شرح فصوصالحكم لمحّيالدين بن عربي ، وعدّه القاضي نوراللّه في مجالس المؤمنين من الشيعة لأجل بعض كلماته».
و لقد اختلط اسمه في كتب التراجم الشهيرة مع عبد الرزاق السمرقندي الذي توفي سنة (887 هـ) و هو مؤلف كتاب (مطلع السعدين) كما حصل لحاجي خليفة في كشف الظنون ، و مع الامير عبد الرزاق الكاشاني الذي هو من اعلام القرن الحادي عشر الهجري كما حصل لصاحب «رياض العلماء».
2. تأليفاتُهُ
يقول صاحب (ريحانة الأدب ) بعد أَنْ أَثني عليه وعدّه من مشاهير العرفاء و صوفيّة الشيعة أَنّه قد أَلفَّ من الكتب ما يلي:
1. اصطلاحات الصوفيّة ، أوّله ، (الحمدُ للّه الّذي نجّانا من مباحث العلوم الرسمية بالمنّ والافضال) .
2. تاويل الآيات أو تاويلات القرآن وهو تفسير للقرآن علي طريق التأويلات المصطلحة عند الصوفية.
3. تحفة الاخوان في خصائص الفتيان .
4. شرح فصوص الحكم لمحي الدين ابن عربي.
5. شرح منازل السائرين للخواجه عبد اللّه الأَنصاري . طبع في طهران .
6. القضاء و القدر .
7. لطائف الاعلام.
و لمْ نجد في كتب التراجم اسماء اساتذته و تلامذته .
ليس هذا التفسير كباقي التفاسير، فلا يوجد فيه ما يوجد في غيره من التفاسير كاللغة والاعراب والقراءة و سائر علوم القرآن المصطلحة بين المفسرين، بل هذا التفسير يقتصر علي بيان تأويل الآيات و باطنها بطريقة صوفيّة و تارة يستند الي بعض الأحاديث الشيعيّة كما يقول في مقدّمته
«و قد نَقَلَ عن الامام المحقّ السابق جعفر بن محمد الصادق ( عليهالسلام ) ، انّه قال :
(لقد تجلّي اللّه لعباده في كلامه و لكن لا تبصرون).
و روي عَنْهُ ( عليهالسلام )
«انّه خرّ مغشيّاً عليه وهو في الصلاة...».
وامّا أسلوبه و منهجه في التفسير، فيقول المؤلّف في مقدّمة التفسير
«فشرعت في تسويد هذه الاوراق، بما عسي يسمح به الخاطر، علي سبيل الاتفّاق، غير حائم بقعة التفسير، ولا خائض في لجّة من المطالعات ما لا يسعه التقرير، مراعياً لنظم الكتاب و ترتيبه، غير معيد لما تكرر منه أو تشابه في أساليبه، وكلّ ما لا يقبل التاويل عندي أو لا يحتاج اليه، فما أوردته أصلاً ، و لا أزعم انّي بلغت الحدّ فيما أوردته ...».
و المفسر هذا يدين بوحدة الوجود، وانّي لا أرأه يبتعد كلّ البعد عن ظاهر الآية حيث لا تري له أي صلة نقلية أو عقلية بين الآية و تأويله فنراه في آيات صوم شهر رمضان يقول :
« شهر رمضان، أي احتراق النفس بنور الحق (الذي أنزل فيه ) في ذلك الوقت (القرآن)، أي العلم الجامع الاجمالي المسميّ بالعقل القرآني، الموصل الي مقام الجمع، هداية للناس الي الوحدة باعتبار الجمع ، ( وبينات من الهدي ) ، و دلائل متصلة من الجمع والفرق ، أي العلم التفصيلي المسميّ بالعقل الفرقاني¨، ...( ومن كان مريضاً) اي مبتلي بامراض قلبه من الحجب النفسانية المانعة من ذلك الشهود» .
واليك تأويله في بعض الآيات ليظهر من خلاله بعض عقائده .
القصص القرآنية عند المفسر هذا، هو كما عند سائر الصوفية ترمز من خلال ظاهرها والفاظها الي معاني و مصاديق روحية واننّا لنشاهد التشابه في تاويل قصص القرآن في هذا التفسير و تفسير بيان السعادة لمقامات العبادة و في التفاسير الصوفية الأُخري بحيث يمكننا أَنْ نحكم بانهّم قد نقلوا بعضهم عن بعض، فمثلاً في قصة موسي و العبد الصالح، ما موسي إِلاّ القلب، و فتاه الذي كان معه فهو النفس و مجمع البحرين هو ملتقي العالمين، عالم الروح ، و عالم الجسم ، والعبد الصالح يمثل العقل القدسي، وأهل القرية هم القوي البدنية، والغلام هو النفس الامارة، والجدار هو النفس المطمئنة، واليك نموذج من قوله في هذا المجال . فهو يقول :
«اما السفينة فكانت لمساكين في بحر الهيولي، أي، القوي البدنيّة من الحواس الظاهرة ، والقوي الطبيعيّة النباتيّة، وانّما سمّاها مساكين لدوام سكونها ، وملازمتها لتراب البدن ، وضعفها عن ممانعة القلب في السلوك والاستيلاء عليه كسائر القوي الحيوانية...(فاردت ان اعيبها) بالرياضة لئلا ياخذها ملك النفس الامأرة غصباً....».
و قد تأثر المفسرّ في تأويلاته لقصص القرآن الّتي تدور حول الرسل والانبياء و قصصهم بكتاب ابن عربي الشهير (فصوص الحكم) و لربمّا كان لهذا التأثر سهماً في شرحه لكتاب (فصوص الحكم) ، وامّا في قصة اصحاب الكهف، فالكهف هو البدن، والنوم هو نوم الغفلة و البعث هو التنبّه عن نوم الغفلة بقيامهم من مرقد البدن و معرفتهم باللّه، و بنفوسهم المجرّدة، و هنا في هذه القصة أري ما يدلّ علي انّ المفسرّ شيعي حيث يتكلم عن المهدي ( عليهالسلام ) الامام الغائب عن الشيعة ، فيقول :
«فانّ الناس مختلفون في زمان الغيبة، يقول بعضهم يخرج احدهم علي رأس كلّ الف سنة...و يقول بعضهم، علي كلّ سبعمائة عام، أو علي رأس كلّ مائة... والمحققون المصيبون هم الذين يكلون علمه الي اللّه، كالَّذين قالوا، (رَبُّكُم أعْلَمُ بِما لَبِثْتُم)و لهذا لم يعيّن رسول اللّه ( صلياللهعليهوآله ) وقت ظهور المهدي ( عليهالسلام )، وقال (كذّب الوقّاتون )».
هكذا نري المفسّر يرمز الي كلّ نبي بانّه قوة من القوي الباطنية فيعقوب ( عليهالسلام ) هو العقل، و يوسف ( عليهالسلام ) هو القلب ، نوح هو الروح والناس و القوم هم القوي الجسميةَ وقِسْ عَلَي هذا من التأويلات التي ينكرها أهلُ الظاهر كُلَّ الانكار.
بما أَنَّ المفسرّيُدِيْنُ بوحدةِ الوجودِ فلذلك يذكر في هذه الآية بأَنَّ اللّه قد تجلّي بجميع صفاته علي قلب الرسول ( صلياللهعليهوآله ) و صار النبي ( صلياللهعليهوآله ) خليفة اللّه بل الانسان الكامل الذي هو مظهر الذات فيقول :
«(الرحمن) اي، ربّك الجليل ، والمحتجب بحجب المخلوقات لجلاله ، هو الجميل المتجلّي بجمال رحمته علي الكلّ ، اذ لا يخلو شيء من الرحمة الرحمانّيه ، والاّ لم يوجد، ولهذا اختص الرحمن به دون الرحيم ، لامتناع عموم الفيض للكلّ إِلاّ منه فكما استوي علي عرش وجود الكلّ بظهور الصفة الرحمانيّة فيه و ظهور أثرها، أي، الفيض العامّ منه الي جميع الموجودات ، فهكذا استوي علي عرش قلبك ، بظهور جميع صفاته فيه ، ووصول اثرها منه الي جميع الخلائق، فصرت رحمة للعالمين ، و صارت نبّوتك عامّة خاتمّة، فمعني الاستواء، ظهوره فيه سويّا تامّاً...».
يقول :
«اعلم انّ الاحكام المثبتة في اللوح المحفوظ، امّا مخصوصة، وامّا عامّة ، والمخصوصة امّا أَنْ تختصّ الأشخاص وامّا تختص بحسب الازمنة، فاذا انزلت بقلب الرسول فالتي تختص بالاشخاص تبقي بقاء الاشخاص، والتي تختصّ بالأزمنة تنسخ و تزول بانقراض تلك الازمنة، قصيرة كانت كمنسوخات القرآن، أو طويلة كاحكام الشرائع المتقّدمة ، ولا ينافي ذلك ثبوتها في اللوح، اذ كانت فيه كذلك، والعامّة تبقي ما بقي الدهر كتكلّم الانسان واستواء قامته مثلاً».
فمن كان غير ذي خبرة بسيرة هؤلاء القوم العلمية و طالع مثل هذه التأويلات، سيحكم بكفرهم و خروجهم عن الدين، والحال انّهم يقرّون فعلاً في سلوكهم العملي بجميع آيات الاحكام الاّ انّهم كما نري قائلون ببطون و تأويلات لذلك الظاهر، وهذه التأويلات هي فقط في النظر دون العمل، فهم يصلّون كما تصلي الامّة ويصومون كما تصوم الامّة بل و يتهجّدون بالنوافل و لكن بمعرفة تفترق مع معرفة الغير.
1. ابن عربي (محي الدين)، تفسير القرآن طـ 2 ـ طهران : ناصر خسرو ، 1988 م / 1404هـ .
1. الكاشاني (أبو الغنائم كمال الدين عبد الرزاق)، تفسير القرآن الكريم، 1036، مكتبة آخوند في مدينة همدان ، برقم 919 ، وأُخري برقم 491.
2. الأفندي (ميرزا عبد الله ) رياض العلماء ، طـ 1ـ قم : الخيام ، 1982م / 1401هـ .
3. الأمين (آية اللّه سيد محسن ) أعيان الشيعة طـ 1 ، ـ بيروت : دار التعارف ، 1986م / 1406هـ .
4. حاجي خليفة (مصطفي بن عبد الله ) كشف الظنون طـ 1. ـ بيروت : دار الفكر، 1982م / 1402هـ .
5. الطهراني (آغا بزرگ) الذريعة الي تصانيف الشيعة طـ 3 بيروت : دار الاضواء، 1983م /1403 هـ .
6. المدرس (ميرزا محمد علي) ريحانة الادب طـ 3 ـ طهران : خيام ، 1991م / 1407هـ .